03 نوفمبر 2025 | 12 جمادى الأولى 1447
A+ A- A
خطبة الجمعة المذاعة والموزعة بتاريخ 2 من جمادى الأ,لى 1447 هـ - الموافق  24 / 10 / 2025م

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة بتاريخ 2 من جمادى الأ,لى 1447 هـ - الموافق 24 / 10 / 2025م

24 أكتوبر 2025

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

بتاريخ 2 من جمادى الأولى 1447هـ الموافق 24  /10 / 2025م

الْكِهَانَةُ الْحَدِيثَةُ

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ( [آل عمران 102]، وَاعْتَصِمُوا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنَّ خَيْرَ الْكَلاَمِ كَلَامُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا.

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ عَقَائِدِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَهَمِّ الْمُهِمَّاتِ فِي الدِّينِ: الْعِلْمَ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنْفَرِدٌ بِعِلْمِ الْغَيْبِ، فَلَا يَعْلَمُ الْمُغَيَّبَاتِ إلَّا اللَّهُ، قَالَ تَعَالَى: )قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ( [النمل:65]، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: )عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ( [التوبة:94]، فَالْإِيمَانُ بِالْغَيْبِ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ الْمَكَانَةُ الْمُنِيفَةُ، وَالدَّرَجَةُ الْعَالِيَةُ الشَّرِيفَةُ، امْتَدَح اللَّهُ تَعَالَى الْمُؤْمِنِينَ بِإِيمَانِهِمْ بِالْغَيْبِ فَقَالَ: )الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ( [البقرة:3]، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: (وَاَلَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ! مَا آمَنَ أَحَدٌ قَطُّ إيمَانًا أَفْضَلَ مِنْ إِيمَانٍ بِغَيْبٍ)، فَالْإِيمَانُ بِالْغَيْبِ أَسَاسُ الإِيمَانِ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَرُكْنٌ يَرْكَنُ إلَيْهِ الْمُسْلِمُ فِي حِفَاظِهِ عَلَى إسْلَامِهِ وَدِينِهِ، فَلَا يَتَحَقَّقُ إِيمَانٌ بِاللَّهِ، وَلَا تَصْدِيقٌ بِمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَّا بِالْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ.

وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ لَوَازِمِ الْإِيمَانِ بِالْغَيْبِ: الْإِيمَانَ بِأَنَّ الْخَلْقَ مَهْمَا بَلَغَتْ عُلُومُهُمْ وَتَطَوَّرَتْ وَسَائِلُهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنَ الْمُغَيَّبَاتِ إلَّا مَا أَطْلَعَهُمُ اللَّهُ عَلَيْهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: )عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ( [الجن:26-27]، بَلْ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَعْظَمُ الْخَلْقِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ؛ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا مِنَ الْغَيْبِ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: (مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِي غَدٍ، فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، وَاللَّهُ يَقُولُ: ) قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ( [النمل:65]» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ:

لِيَحْذَرِ الْمُسْلِمُ مِنْ كُلِّ مَا يُنَاقِضُ الْإِيمَانَ بِالْغَيْبِ أَوْ يَنْقُصُهُ، فَيُورِدَ نَفْسَهُ فِي الْمُهْلِكَاتِ، وَيُوقِعَهَا فِي الْأُمُورِ الْمُنْكَرَاتِ، وَإِنَّ مِنْ تِلْكَ الْأُمُورِ: إتْيَانَ السَّحَرَةِ وَالْكُهَّانِ وَالْعَرَّافِينَ، الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالْغَيْب بِأُمُورٍ بَاطِلَةٍ يَدَّعُونَهَا، وَأَوْهَامٍ وَأَكَاذِيبَ يُلَفِّقُونَهَا، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَطَيَّرَ أَوْ تُطُيِّرَ لَهُ، أَوْ تَكَهَّنَ أَوْ تُكُهِّنَ لَهُ، أَوْ سَحَرَ أَوْ سُحِرَ لَهُ، وَمَنْ أَتَى كَاهِنًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ؛ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ» [رَوَاهُ الْبَزَّارُ وَصَحَّحَه الأَلبَانِيُّ].

وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَظُنُّهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ أَنَّ الْغَيْبَ قَدْ يُعْلَمُ عَنْ طَرِيقِ مَا يُعْرَفُ بِالْأَبْرَاجِ، أَوْ قِرَاءَةِ الْكَفِّ وَالْفِنْجَانِ وَالْخُطُوطِ، أَوِ الِاعْتِقَادِ بِأَنَّ مَنْ وُلِدَ فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْبُرْجِ الْفُلَانِيِّ يَحْدُثُ لَهُ مِنَ الْأُمُورِ كَذَا وَكَذَا، وَأَنَّ مِنْ صِفَاتِهِ كَذَا وَكَذَا، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الضَّرْبِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ بِظُنُون الْكَلَامِ، وَالْقَوْلِ فِيهِ بِالْحَدْسِ وَالْأَوْهَامِ، وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا عَظَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْرَهُ، وَحَذَّرَ مِنْهُ أَشَدَّ التَّحْذِيرِ؛ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ، لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً».

وَقَدْ تَنَوَّعَتْ صُوَرُ الْكِهَانَةِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، حَتَّى امْتَلَأَتْ بِهَا وَسَائِلُ التَّوَاصُلِ، وَخُصِّصَتْ لَهَا قَنَوَاتٌ، وَعُقِدَتْ لَهَا مَدَارِسُ وَمُؤْتَمَرَاتٌ، كُلُّ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ إفْسَادِ الْعَقِيدَةِ، وَأَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، وَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ دَفْعِ الْمَالِ لِهَؤُلَاءِ الدَّجَّالِينَ وَالْكُهَّانِ وَالْمُشَعْوِذِينَ، فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ، وَمَهْرِ الْبَغِيِّ، وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ»، وَحُلْوَانُ الْكَاهِنِ: مَا يُدْفَعُ لَهُ مِنَ الْمَالِ لِقَاءَ قِيَامِهِ بِمَا يَدَّعِيهِ مِنْ عِلْمِ الْغَيْبِ وَنَحْوِهِ.

عِبَادَ اللَّهِ:

إِنَّ الْإِيمَانَ بِالْغَيْبِ يُورِثُ الْعَبْدَ طُمَأْنِينَةً فِي الْقَلْبِ، وَانْشِرَاحًا فِي الصَّدْرِ، وَسَكِينَةً فِي النَّفْسِ، فَمَنْ آمَنَ بِالْغَيْبِ وَاسْتَسْلَمَ لَهُ؛ لَمْ تُرَاوِدْهُ الشُّكُوكُ، وَلَمْ تَتَسَلَّلْ إلَيْهِ الْأَوْهَامُ، وَكَانَ فِي حِصْنٍ مِنِ انْحِرَافِ عَقِيدَتِهِ، وَمَأْمَنٍ مِنْ فَسَادِ إيمَانِهِ.

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الْحَمْدَ لِلَّهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَن لَّا نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

أَمَّا بَعْدُ: مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:

فَإِنَّ الِاعْتِقَادَ بِالْأَبْرَاجِ أَمْرٌ جَاهِلِيٌّ وَعَقِيدَةٌ كُفْرِيَةٌ كَان يَتَعَاطَاهَا الْمُنَجِّمُونَ قَدِيمًا، وَأَنْكَرَهَا الْإِسْلَامُ وَأَبْطَلَهَا بِحُسْنِ التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ، ذَكَرَ الْحَافِظُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّهُ لَمَّا أَرَادَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنْ يُسَافِرَ لِقِتَالِ الْخَوَارِجِ، عَرَضَ لَهُ مُنَجِّمٌ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! لَا تُسَافِرْ؛ فَإِنََّ الْقَمَرَ فِي بُرْجِ الْعَقْرَبِ؛ فَإِنَّك إنْ سَافَرْتَ وَالْقَمَرُ فِي الْعَقْرَبِ هُزِمَ أَصْحَابُكَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: بَلْ أُسَافِرُ ثِقَةً بِاللَّهِ وَتَوَكُّلًا عَلَى اللَّهِ، وَتَكْذِيبًا لَك؛ فَسَافَرَ، فَبُورِك لَهُ فِي ذَلِكَ السَّفَرِ، حَتَّى قُتِلَ عَامَّةُ الْخَوَارِجِ.

عِبَادَ اللَّهِ:

إِنَّ مِنْ شُؤْمِ مُطَالَعَةِ الْأَبْرَاجِ وَالنَّظَرِ فِيهَا: مَا يَقَعُ فِيهِ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِعِبَادِ اللَّهِ وَالتَّشَاؤُمِ بِهِمْ؛ إذَا عَلِمَ أَنَّ هَذَا الْإِنْسَانَ وُلِدَ فِي الشَّهْرِ الْفُلَانِيِّ أَوْ الْبُرْجِ الْفُلَانِيِّ.

وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا: مَا يَحْصُلُ مِنَ النَّاسِ مِنَ التَّغَافُلِ عَنْ أَخْطَائِهِمْ وَمَسَاوِئِ أَخْلَاقِهِمْ، اعْتِقَادًا مِنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ وِلَادَتِهِمْ فِي ذَلِكَ الْبُرْجِ أَوْ الْيَوْمِ، فَتَرَاهُمْ لَا يُعَالِجُونَ أَخْطَاءَهُمْ، وَلَا يُصَحِّحُونَ أَخْلَاقَهُمْ، وَهَذَا كُلُّهُ أَمْرٌ مُصَادِمٌ لِلشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ، الْقَائِمَةِ عَلَى إِخْلَاصِ الدِّينِ لِلَّهِ تَعَالَى، وَمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ.

ثُمَّ إنَّهُ لَا فَرْقَ - عِبَادَ اللَّهِ - بَيْنَ أَنْ يَقَعَ الْأَمْرُ عَلَى سَبِيلِ الْجِدِّ، أَوْ سَبِيلِ الضَّحِكِ وَالْهَزْلِ وَشَغْلِ الْأَوْقَاتِ، فَأُمُورُ الْعَقِيدَةِ وَالتَّوْحِيدِ لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلضَّحِكِ وَاللَّعِبِ، قَالَ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ مَنْ وَقَعَ فِي بَعْضِ الْمُكَفِّرَاتِ: )إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ( [التوبة:65].

فَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقِ النُّجُومَ وَالأَبْرَاجَ لِيَتَعَرَّفَ النَّاسُ مِنْ خِلَالِهَا عَلَى الْغَيْبِ، بَلْ خَلَقَهَا لِحِكَمٍ بَلِيغَةٍ، وَفَوَائِدَ عَظِيمَةٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: )وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ ( [الملك:5]، يَقُولُ قَتَادَةُ رَحِمَهُ اللَّهُ: (خَلَقَ هَذِهِ النُّجُومَ لِثَلَاثٍ: جَعَلَهَا زِينَةً لِلسَّمَاءِ، وَرُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ، وَعَلَامَاتٍ يُهْتَدَى بِهَا، فَمَنْ تَأَوَّلَ فِيهَا بِغَيْرِ ذَلِكَ أَخْطَأَ، وَأَضَاعَ نَصِيبَهُ، وَتَكَلَّفَ مَا لَا عِلْمَ لَهُ بِهِ).

فَاللَّهَ اللَّهَ -عِبَادَ اللَّهِ- فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى إِيمَانِكُمْ وَتَوْحِيدِكُمْ، اعْتَنُوا بِهِ وَاحْمُوهُ، وَاجْتَهِدُوا فِي تَثْبِيتِهِ فِي أَهْلِيكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَتَسَاهَلُوا فِي مِثْلِ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمُحْدَثَةِ، وَالضَّلَالَاتِ الْمُنْتَشِرَةِ؛ فَإِنَّ شَأْنَهَا خَطِيرٌ، وَضَرَرَهَا عَلَى التَّوْحِيدِ جَسِيمٌ، فَلْيُعَلِّمِ الْمَرْءُ مِنَّا أَهْلَهُ وَأَوْلَادَهُ، فَالْأَمْرُ -وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ- قَدِ انْتَشَرَ وَتَفَاقَمَ، وَتَفَشَّى بَيْنَ النَّاسِ وَتَعَاظَمَ، وَرَأْسُ مَالِ الْمُسْلِمِ اعْتِقَادُهُ وَتَوْحِيدُهُ، وَهُو جَنَّتُهُ وَنَارُهُ.

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَلْهِمْنَا شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَدَوَامَ عَافِيَتِكَ، وَجَنِّبْنَا فُجَاءَةَ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعَ سَخَطِكَ، وَبَارِكِ اللَّهُمَّ لَنَا فِي أَوْقَاتِنَا وَأَمْوَالِنَا، وَأَوْلَادِنَا وَأَزْوَاجِنَا، وَاغْفِرِ اللَّهُمَّ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا وَوَلِيَّ عَهْدِهِ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُمَا فِي رِضَاكَ، وَأَلْبِسْهُمَا ثَوْبَ الصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ وَالْإِيمَانِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة

معرض الصور

القائمة البريدية

انضم للقائمة البريدية للموقع ليصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظه لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية - دولة الكويت